وأوضح غونول أن الهيئة، أثناء قيامها بمهامها التنظيمية والرقابية لضمان عمل الأسواق المالية بشكل صحي، تدرك أن قرارات الجهات القضائية تلعب دورًا مهمًا في تعزيز ثقة المستثمرين واستقرار الأسواق المالية. وأضاف:
“في هذا السياق، فإن زيادة الوعي المالي لدى القضاة ستساهم في تقييم العمليات الاقتصادية بشكل أكثر دقة، وتمكينهم من اتخاذ قرارات مستندة إلى تفاصيل تقنية دقيقة، مما سيؤدي إلى تعزيز التوافق بين القانون والاقتصاد.”
انعقاد مؤتمر “التوعية الاقتصادية من منظور قانوني”
وفقًا لبيان صادر عن هيئة أسواق المال، تم عقد مؤتمر بعنوان “التوعية الاقتصادية من منظور قانوني”، والذي افتُتح بكلمة ألقاها غونول في مبنى محكمة التمييز التركية.
وأشار إلى أن الهدف من تنظيم هذا المؤتمر هو تعزيز فهم نقاط الالتقاء بين القانون والعمليات الاقتصادية، وتسليط الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه السلطة القضائية في النظام المالي.
كما أشار غونول إلى توقيع “بروتوكول التعاون لنشر الثقافة المالية” بين هيئة أسواق المال وجمعية التوحيد القضائي، وهو ما يمثل خطوة جديدة تهدف إلى تعزيز وعي القضاة بالثقافة المالية. وأضاف أن هذا المؤتمر يعد خطوة مهمة نحو تشكيل قرارات اقتصادية متوافقة مع الأطر القانونية والقضائية.
وأكد غونول أن ضمان استقرار الأسواق المالية، وتعزيز بيئة الاستثمار، والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في عالم يشهد عولمة متزايدة، يرتبط بشكل مباشر بسيادة القانون وفعالية القضاء. كما شدد على أهمية التعاون بين الأنظمة القضائية وأسواق المال لضمان عمل الأسواق بكفاءة وحماية حقوق المستثمرين.
“الجرائم المالية أصبحت أكثر تعقيدًا مع التحول الرقمي”
سلّط غونول الضوء على أن الجرائم المالية أصبحت أكثر تطورًا وتعقيدًا مع التقدم الرقمي، حيث قال:
“مع التحول الرقمي، أصبحت الجرائم المالية أكثر تعقيدًا وعابرة للحدود، حيث تطورت إلى أشكال يصعب تتبعها والسيطرة عليها. فالتكنولوجيا الحديثة مثل البلوكتشين والذكاء الاصطناعي والجرائم السيبرانية تفرض تحديات جديدة تتجاوز الأساليب التنظيمية التقليدية، ما يستدعي تبني حلول أكثر ديناميكية قائمة على التكنولوجيا.”
وأكد أن هيئة أسواق المال تعمل على ضمان بيئة مالية صحية من خلال تطبيق آليات الرقابة والتنظيم، مشيرًا إلى أن قرارات الجهات القضائية تلعب دورًا رئيسيًا في توجيه السوق وتعزيز ثقة المستثمرين واستقراره. وأضاف:
*”من هذا المنطلق، فإن تعزيز الوعي المالي لدى القضاة *سيمكنهم من تقييم القضايا الاقتصادية بشكل أكثر دقة، واتخاذ قرارات تعتمد على تفاصيل تقنية متعمقة، مما سيؤدي إلى تحقيق توازن أكبر بين القانون والاقتصاد.”
“القانون والاقتصاد قوتان لا يمكن فصلهما”
من جهته، أكد رئيس جمعية التوحيد القضائي، بيرول كرماز، أن المؤتمر يمثل خطوة كبيرة نحو تعزيز فعالية القضاء ودوره في تحقيق العدالة.
وأوضح أن القانون والاقتصاد هما قوتان مترابطتان لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض، حيث قال:
“بينما يهدف القانون إلى الحفاظ على النظام الاجتماعي، فإن الاقتصاد يعمل على إدارة الموارد لضمان استمرارية ذلك النظام. وبالتالي، فإن التطورات في أسواق المال، والتحولات التي أحدثها التحول الرقمي، والتكامل الاقتصادي العالمي تتطلب من القضاة اكتساب منظور أكثر شمولًا.”
وأضاف:
“تحليل تأثير القرارات القانونية على الرفاهية الاجتماعية، وحقوق المستثمرين، والاستقرار الاقتصادي، والأبعاد القانونية للتكنولوجيا المالية، لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تعزيز التوعية المالية للقضاة. ومن هذا المنطلق، فإن الثقافة المالية ليست مجرد مفهوم اقتصادي، بل هي أداة تعزز كفاءة القضاء، وتسهم في تحسين القدرة على التنبؤ بالقرارات القانونية، وترفع من دقة الأحكام القضائية.”
حضور شخصيات بارزة من الجهاز القضائي
شهد المؤتمر حضور النائب العام لمحكمة التمييز التركية، محسن شنتُرك، ونائبي الرئيس الأولين لمحكمة التمييز، آدم ألبيرق وأحمد أومير أوغلو، بالإضافة إلى عدد من القضاة والمرشحين القضائيين وطلاب كليات الحقوق، مما يعكس أهمية هذا الموضوع في الأوساط القانونية والقضائية.