جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي حضره كل من تويغار نارباي، وأوميت أوزورين، والمستشار الاقتصادي لـ TGSD، جان فؤاد غورلسل، حيث تم تسليط الضوء على الوضع الحالي للقطاع، وسبل النمو، والتحولات المطلوبة لضمان استدامته.
تأثير الأزمة العالمية على صناعة الملابس الجاهزة
أوضح نارباي أنه خلال عامي 2021 و2022، شهد التجارة العالمية انتعاشًا كبيرًا بسبب السياسات التوسعية التي اتبعتها البنوك المركزية بعد جائحة كورونا، مما انعكس إيجابًا على قطاع الملابس الجاهزة عالميًا وفي تركيا.
ولكن، بسبب ارتفاع معدلات التضخم والسياسات النقدية المتشددة التي بدأت البنوك المركزية بتطبيقها في عام 2023، شهدت صادرات الملابس الجاهزة العالمية والتركية انخفاضًا بنسبة 9٪.
وفي عام 2024، استمر التراجع، حيث انخفضت الصادرات العالمية بنسبة 2٪، في حين سجلت الصادرات التركية انخفاضًا بنسبة 6.9٪، مما يشير إلى أن القطاع التركي تضرر أكثر مقارنة بمنافسيه الدوليين.
عوامل تراجع الصادرات التركية في 2024
صرّح نارباي أن الانخفاض في صادرات الملابس الجاهزة التركية خلال عام 2024 بلغ 1.3 مليار دولار، موضحًا الأسباب على النحو التالي:
- 29٪ من التراجع ناتج عن التباطؤ الاقتصادي العالمي.
- 46٪ من الخسائر جاءت من الأسواق المتضررة بالحروب (روسيا، أوكرانيا، وإسرائيل).
- 25٪ من الخسائر كانت نتيجة فقدان القدرة التنافسية.
وأشار إلى أن الواردات التركية من الملابس الجاهزة ارتفعت من 2.7 مليار دولار في 2022 إلى 4 مليارات دولار في 2024، مما يعكس ضعف سياسات دعم الصادرات وزيادة التكاليف الإنتاجية، والتي جعلت المنتجات التركية أقل تنافسية مقارنة بالمنافسين.
تركيا من بين أكبر الموردين العالميين لكنها تفقد حصتها
تعد تركيا سادس أكبر مورد للملابس الجاهزة عالميًا، وثالث أكبر مورد في أوروبا، كما أنها تحتل المرتبة الثانية بعد الصين في سلسلة التوريد العالمية للملابس والنسيج.
لكن حصة تركيا في التجارة العالمية للملابس الجاهزة انخفضت إلى 3.48٪، كما تراجعت حصتها في السوق الأوروبية من 5.6٪ إلى 5.1٪ بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والتمويل.
وأشار نارباي إلى أن تكلفة الإنتاج والتمويل في تركيا جعلت المنتجات التركية أغلى بنسبة 61٪ مقارنة بالموردين الآسيويين، و46٪ مقارنة بموردي شمال إفريقيا.
فرص أمام تركيا لاستعادة حصتها في السوق
أوضح نارباي أن هناك عدة تطورات يمكن أن تعود بالنفع على قطاع الملابس التركي، ومنها:
- السياسات التجارية المتوقعة من إدارة ترامب تجاه الصين، والتي قد تدفع المستوردين الأمريكيين والأوروبيين إلى البحث عن بدائل أكثر استقرارًا.
- الاعتماد الكبير لدول مثل بنغلاديش وفيتنام على سلاسل التوريد الصينية، مما يجعل تركيا بديلاً أكثر استقلالية.
- آلية تسعير الكربون الأوروبية، والتي ستؤثر مستقبلاً على واردات الملابس والنسيج، مما يجعل الشركات التي تتبنى ممارسات صديقة للبيئة أكثر تنافسية.
وأكد نارباي أن تحقيق السلام في أوكرانيا وروسيا والشرق الأوسط سيعيد للأسواق التركية جزءًا كبيرًا من حصتها المفقودة، لكن ذلك يتطلب الحفاظ على القوة الإنتاجية للقطاع وتعزيز القدرة التنافسية عبر الدعم الحكومي والاستثمارات المستدامة.
التحديات المتوقعة لعام 2024 وتأثيرها على الصناعة
يتوقع نارباي أن التجارة العالمية للملابس الجاهزة لن تشهد انكماشًا إضافيًا خلال 2024، لكن إذا لم يتم تعديل السياسات النقدية التركية أو تقديم دعم حكومي واضح للصادرات، فقد ينهي القطاع العام بمستوى صادرات يبلغ 17.5 مليار دولار فقط.
“الطريقة الوحيدة لزيادة الأسعار هي التصدير بعلامات تجارية”
أكد أوميت أوزورين أن الملابس الجاهزة التركية تأتي في المرتبة الثالثة عالميًا من حيث القيمة المضافة بعد قطاعي المجوهرات والصناعات الدفاعية، حيث بلغ متوسط سعر التصدير 15.2 دولارًا لكل كيلوجرام في 2024.
لكن المنافسة الحادة في الأسعار تجعل من الصعب زيادة هذا الرقم، مما يعني أن الطريقة الوحيدة لتحقيق أسعار أعلى هي عبر التصدير بعلامات تجارية.
وأشار إلى أن العلامات التجارية التي تبيع بالجملة يمكنها مضاعفة قيمة منتجاتها بمقدار 2 إلى 2.5 مرة، بينما تصل قيمة المنتجات المباعة مباشرة عبر التجزئة والتجارة الإلكترونية إلى 80-100 دولار لكل وحدة.
ضرورة الاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا الرقمية
أوضح أوزورين أن الوصول إلى هذه الأسعار المرتفعة يتطلب من الشركات الاستثمار في:
- الابتكار والتصميم والتكنولوجيا الرقمية.
- التوافق مع معايير الشفافية والاستدامة والمسؤولية البيئية والاجتماعية (ESG).
- التوسع في التجارة الإلكترونية والعلامات التجارية الخاصة.
وأضاف أن TGSD تعمل حاليًا على “رؤية 2040 الاستراتيجية” لتحديد مستقبل الصناعة، بالإضافة إلى إطلاق أكاديمية تطوير TGSD هذا العام، والتي ستكون منصة إلكترونية توفر إرشادات حول الاستدامة، الابتكار، والحوكمة المؤسسية.
ماذا قال القطاع حول المنافسة والتحديات الاقتصادية؟
في رد على أسئلة الصحفيين، أوضح نارباي أن العديد من الشركات تعمل بهوامش ربح منخفضة أو حتى بخسائر للحفاظ على حصتها في السوق، مما يعكس التحديات الكبيرة التي يواجهها القطاع.
كما أشار إلى أن بعض الشركات التركية تنقل استثماراتها إلى مصر للاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة بين مصر والولايات المتحدة، حيث لا تزال تركيا غير قادرة على منافسة الأسعار في السوق الأمريكي.
وبشأن طلبات الحماية من الإفلاس (الكونكورداتو)، أوضح أن 20٪ من حالات الإفلاس المعلنة في تركيا تعود لشركات تعمل في قطاع الملابس الجاهزة، مما يعكس الضغوط الكبيرة التي تواجهها الصناعة.
وفي الختام، شدد نارباي على ضرورة تقديم الدعم الحكومي العادل لجميع الشركات، بغض النظر عن حجمها، مشيرًا إلى أن مخصصات الدعم الحالية التي تبلغ 2500 ليرة لكل موظف في الشركات الصغيرة والمتوسطة يجب أن تشمل جميع الشركات في القطاع.