يشهد قطاع السياحة في جميع أنحاء العالم تحولًا كبيرًا بفضل الرقمنة، وتغير عادات المستهلكين، ونماذج الأعمال الجديدة، حيث أصبحت المنصات الرقمية تحل بسرعة محل الطرق التقليدية في مراحل التخطيط للسفر والإقامة.
وفي ظل هذا الاتجاه العالمي نحو التحول الرقمي، تشهد تركيا نموًا ملحوظًا في عدد منصات السفر الإلكترونية ووكالات السياحة التقليدية، مما يعكس تنوع القطاع السياحي في البلاد، إلى جانب الطلب الكبير على الإرشاد السياحي المحلي والخدمات الشخصية التي تقدمها وكالات السفر.
هدف تحقيق 74 مليار دولار من إيرادات السياحة بحلول 2027
وفي تصريح لوكالة الأناضول، أوضحت أويا نارين أن قطاع السياحة التركي استقبل في عام 2024 حوالي 62.2 مليون سائح، وحقق إيرادات بلغت 60.5 مليار دولار، مشيرة إلى أن هذا القطاع يعد جزءًا أساسيًا من الاقتصاد الوطني، حيث يساهم في تقليل العجز التجاري وخلق فرص عمل.
وأضافت:
“تركيا تحتل المرتبة الخامسة عالميًا من حيث عدد السياح الوافدين، والمرتبة السابعة من حيث إيرادات السياحة. اليوم، يوفر قطاع السياحة فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لما يقرب من 3 ملايين شخص، ويساهم بأكثر من 40 مليار دولار في تقليل العجز التجاري.”
وأشارت نارين إلى أن البرنامج متوسط المدى للحكومة التركية يهدف إلى تحقيق إيرادات سياحية تبلغ 64 مليار دولار في 2025، و69 مليار دولار في 2026، و74 مليار دولار في 2027، مشددة على أن الوصول إلى هذه الأهداف يتطلب تنويع القطاعات السياحية، واستكشاف أسواق جديدة، وضمان استمرارية السياحة على مدار العام.
وأبرزت نارين الدور الحاسم الذي تلعبه وكالات السفر في تطوير قطاع السياحة وتحويل المعالم الطبيعية والثقافية إلى منتجات سياحية متكاملة، مؤكدة أن هذه الوكالات تمثل “الأبطال غير المرئيين” لصناعة السياحة، نظرًا لدورها الحيوي في توجيه وتنظيم الرحلات.
“عادات المستهلكين وأساليب التخطيط للسفر تتغير بسرعة”
وأشارت نارين إلى أن قطاع السياحة العالمي يشهد تحولًا جذريًا خلال السنوات الأخيرة، حيث قالت:
“في الوقت الذي نشهد فيه انخفاضًا في عدد وكالات السفر التقليدية حول العالم، فإن منصات السفر الإلكترونية تواصل تحقيق نمو سريع. في عام 2024، بلغ حجم سوق خدمات وكالات السفر العالمية 460 مليار دولار، ومن المتوقع أن يتجاوز تريليون دولار بحلول عام 2034. كما أنه من المتوقع أن يرتفع حجم السياحة العالمية من 9.5 تريليون دولار في 2023 إلى 15 تريليون دولار بحلول عام 2033. هذه الزيادة ستتحقق بشكل كبير من خلال المنصات الرقمية.”
وأضافت:
“اليوم، يتم تحقيق 70% من إيرادات السياحة العالمية عبر منصات السفر الإلكترونية، مما يعكس التحول السريع في عادات المستهلكين وأساليب التخطيط للسفر.”
أما بالنسبة لأوروبا، فقد أشارت نارين إلى أن الاتجاه نحو الرقمنة يزداد بشكل كبير، حيث يوجد 76 ألف وكالة سفر تعمل في أوروبا، ويبلغ حجم السوق الأوروبي لهذه الوكالات 86 مليار يورو في 2024، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل 8% سنويًا حتى عام 2030.
وأوضحت أن المنصات الرقمية الكبرى، مثل “Booking.com“، تهيمن بشكل متزايد على السوق، مما يجعل الرقمنة أمرًا لا مفر منه لوكالات السفر التقليدية للحفاظ على قدرتها التنافسية.
ووفقًا لإحصائيات عام 2023، فإن الدول الأوروبية التي تضم أكبر عدد من وكالات السفر هي:
- إسبانيا: 9,640 وكالة
- ألمانيا: 9,480 وكالة
- إيطاليا: 5,130 وكالة
- المملكة المتحدة: 4,970 وكالة
“تركيا لديها القدرة على تعزيز مكانتها في قطاع السياحة”
واختتمت أويا نارين حديثها بالتأكيد على أن نموذج وكالات السفر في تركيا لا يزال قويًا وديناميكيًا، مشددة على أهمية دورها في تعزيز مكانة البلاد على خريطة السياحة العالمية.
وأضافت:
“كل وكالة سفر تعمل اليوم تلعب دورًا مهمًا في تعزيز إيرادات السياحة في تركيا، وجعل البلاد وجهة سياحية أقوى على المستوى الدولي. رؤيتهم وتخطيطهم لا يؤثر فقط على الحاضر، بل يشكل أيضًا مستقبل السياحة التركية.”
وأشارت إلى أن تركيا تمتلك القوة والإمكانات اللازمة لتعزيز موقعها كوجهة سياحية عالمية، مضيفة:
“هدفنا هو بناء قطاع سياحي مستدام وأكثر كفاءة من خلال الاستفادة من نجاحاتنا الحالية وتعزيز التعاون بين جميع الفاعلين في هذا القطاع. إن الإنجازات التي نحققها في السياحة اليوم هي نتيجة جهود مشتركة، وسنواصل العمل معًا لتحقيق مستقبل أكثر ازدهارًا.”