تناول يلماز في حديثه التطورات في سوريا، مشيرًا إلى أنه “تم التخلص من نظام ديكتاتوري في سوريا، وبدأت عملية تشكيل نظام جديد.” وعلق على التطورات المحتملة في المرحلة المقبلة قائلًا: “المرحلة الحالية تتطلب التركيز على تحقيق الاستقرار السياسي وتعزيز الأمن. يجب بناء بيئة سياسية شاملة تضم جميع الأعراق والمذاهب والأديان، وصياغة دستور جديد، وإنشاء جهاز أمني جديد لضمان الاستقرار السياسي والأمني في سوريا. مثل هذه البيئة ستسهم في تقليل المخاطر الأمنية ومخاطر الهجرة تجاه تركيا، وتضمن حدودًا أكثر أمانًا لبلدنا. هذا سيعود بالنفع على تركيا من النواحي الأمنية والسياسية ومكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى العديد من الجوانب الأخرى.”
وأضاف يلماز أن سوريا في المرحلة الجديدة ستشهد إعادة إعمار شاملة تشمل البنية التحتية والفوقية، والزراعة، والصناعة، والتجارة، والسياحة. وأكد أن تركيا ستكون طرفًا فاعلًا في هذه العملية وستقدم مساهماتها لدعم هذه الجهود.
أشار يلماز إلى أن زيادة التجارة والاستثمارات مع سوريا في هذه المرحلة الجديدة ستكون لها فوائد كبيرة على الاقتصاد التركي. وقال: “سنكون إلى جانب جيراننا في سوريا خلال هذه المرحلة الجديدة. سنشارك خبراتنا المؤسسية مع أشقائنا السوريين في جميع المجالات. كما أن العالم بأسره يتحمل مسؤولية كبيرة في هذا السياق.”
وأوضح يلماز أن العقوبات التي فرضت على سوريا خلال فترة نظام الأسد كانت موجهة ضد الديكتاتورية التي كانت قائمة آنذاك. وأضاف: “سوريا اليوم ليست كما كانت في الماضي، ولا يمكن التعامل معها بنفس القوالب والتعريفات القديمة. اليوم، هناك بيئة جديدة، وبالتالي نأمل أن يتم رفع هذه العقوبات في أقرب وقت ممكن. إن هذه العقوبات، التي فرضت خلال فترة نظام الأسد، لم تعد ملائمة للمرحلة الحالية، ومع زوال ذلك النظام، أصبح من المهم رفع هذه العقوبات لدعم التنمية الاقتصادية في سوريا.”
وشدد يلماز على أهمية تقديم الدول الصديقة والمؤسسات الدولية دعمًا ماليًا لإعادة بناء سوريا، مشيرًا إلى أن هذا الدعم سيكون ضروريًا لتأسيس سوريا جديدة ومستقرة. وقال: “نوجه دعوة إلى المجتمع الدولي للمساهمة في هذه الجهود، لأن استقرار سوريا سيكون له تأثير إيجابي على المنطقة بأسرها.”
“شرق وجنوب شرق تركيا سيسجلان نمواً أعلى من المتوسط الوطني“
صرح نائب الرئيس التركي جودت يلماز، ردًا على سؤال حول تكلفة الإرهاب على تركيا، بأن تكلفة حياة الإنسان لا يمكن قياسها. وأوضح أن الإرهاب تسبب بخسائر كبيرة للاقتصاد التركي، مشيرًا إلى أن الأضرار لم تقتصر على التكاليف المباشرة فحسب، بل شملت أيضًا المشاريع التي لم يتم تنفيذها نتيجة الإرهاب.
وأشار يلماز إلى أن الإرهاب كان عائقًا أمام تطوير السياحة والاستثمارات في بعض المناطق، خاصة في شرق وجنوب شرق تركيا. وأضاف:
“عانى سكان هذه المناطق أكثر من غيرهم، حيث غادرها المستثمرون وأصحاب الكفاءات البشرية المؤهلة بسبب الإرهاب.”
نجاحات مكافحة الإرهاب وانعكاساتها الاقتصادية
تحدث يلماز عن النجاحات المحققة في مكافحة الإرهاب في السنوات الأخيرة، قائلاً:
“بفضل نجاحنا في مكافحة الإرهاب، نشهد الآن تطورات إيجابية في هذه المناطق. شرق وجنوب شرق تركيا سيحققان نمواً يتجاوز المتوسط الوطني خلال هذه المرحلة. نرى الآن استخراج النفط في منطقة غابار، ونشهد فنادق ممتلئة في ماردين وديار بكر، ونهضة في السياحة وتربية المواشي. كل هذا دليل على انتعاش الاقتصاد مجددًا. لقد حققنا نجاحًا كبيرًا ضد الإرهاب، سواء كان ذلك ضد FETÖ أو داعش أو PKK.”
“نريد سياسة بعيدة عن ظل الإرهاب“
فيما يتعلق برسائل رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي الأخيرة، قال يلماز:
“من الواضح أن السيد بهتشلي هو دائمًا شخصية سياسية تضع الأولوية للشعب والدولة قبل الحزب أو الذات. إنه يتخذ مواقفه بناءً على رؤية طويلة المدى لمستقبل البلاد، وليس على حسابات سياسية قصيرة المدى. رؤيته الحالية تتعلق بتركيا خالية من الإرهاب.”
وأضاف يلماز:
“علينا أن نواجه التحديات الإقليمية مثل التطورات الإمبريالية في الشرق الأوسط وسوريا والمخاطر التي تنشأ عنها. هذه الظروف تجعل من الضروري تعزيز الوحدة الوطنية وتقوية الأخوة، حتى نتمكن من المضي قدمًا كتركيا خالية من الإرهاب.”
وأكد يلماز أن رؤية الرئيس رجب طيب أردوغان تتمحور حول جعل القرن الجديد الذي دخلته تركيا “قرن السلام والأخوة“، مشددًا على أن السياسة التركية يجب أن تكون خالية تمامًا من ظل الإرهاب.
تأثير الإرهاب على الديمقراطية والتنمية
شدد يلماز على أن الإرهاب هو العدو الأساسي للديمقراطية والتنمية، قائلاً:
“وجود الإرهاب يعني القضاء على حرية التنقل وحرية ريادة الأعمال، ويعيق تطور البيئة الاستثمارية.”
وأضاف:
“تركيا الخالية من الإرهاب ستنمو بشكل أسرع وترفع معاييرها الديمقراطية بشكل أسرع أيضًا. نحن نريد أن ينتهي الحديث عن الإرهاب تمامًا. لا نريد أن يستمر أي ظل للإرهاب على أي حزب سياسي أو مجموعة سياسية.”
وأكد يلماز أنه لا يمكن أن يكون هناك سياسة ديمقراطية حقيقية في ظل وجود الإرهاب، قائلاً:
“في الديمقراطية، من الطبيعي أن يكون هناك تعددية حزبية وآراء مختلفة، ولكن لا يمكن لأي حزب أن يدعي أنه يمارس السياسة الديمقراطية وهو في الوقت نفسه على اتصال أو علاقة بالإرهاب.”
وأشار يلماز إلى أن البرلمان الحالي يتمتع بأعلى قوة تمثيلية في تاريخ الجمهورية، حيث يتم تمثيل أكثر من 95% من الناخبين، مما يجعل الحوار والمشاورات داخل البرلمان ذا أهمية كبيرة.
وختم قائلاً:
“هذا النهج التوافقي داخل البرلمان هو خطوة صحيحة للغاية، لأنه يعكس تنوع الآراء والوحدة الوطنية لتحقيق السلام والتنمية في تركيا.”
“بيئة التنمية الاقتصادية ستتحسن بشكل كبير جدًا“
أكد نائب الرئيس التركي جودت يلماز أهمية وجود بيئة خالية من الإرهاب، سواء لتركيا أو للدول المجاورة، مشددًا على أن ذلك سيحسن بيئة الاستثمار بشكل كبير. وصرح قائلاً:
“لا يمكن تقييد هذا التحسن بعام واحد فقط. بشكل عام، بيئة الاستثمار وبيئة التنمية الاقتصادية ستتحسن بشكل كبير جدًا. أحد أكبر أسباب فرض الإرهاب على هذه المنطقة هو أنه يستهلك طاقتنا ويحول انتباهنا عن تحقيق التنمية الحقيقية والتقدم. في ظل غياب الإرهاب، سنتمكن من توجيه مواردنا واهتماماتنا إلى أمور أكثر أهمية مثل كيفية تطوير التكنولوجيا لدينا، وكيفية نمو بلادنا، وكيفية تأهيل مواطنينا بشكل أفضل. سنركز على الاستثمار في رأس المال البشري بشكل أكبر، وأعتقد أن هذا سيعطي دعمًا كبيرًا لتنميتنا على المدى الطويل.”
“نسعى للحصول على حصة أكبر من الاستثمارات الدولية“
ردًا على سؤال حول الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا، أوضح يلماز أن هناك رغبة أكبر لدى الشركات الدولية للاستثمار في تركيا مقارنة بالماضي. وأضاف:
“نحن نوفر للمستثمرين كل التسهيلات الممكنة ونواصل تحسين بيئة الاستثمار.”
وأشار يلماز إلى برنامج HIT-30 الذي تنفذه وزارة الصناعة والتكنولوجيا، وهو برنامج بقيمة 30 مليار دولار يهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية في المجالات التي تعاني فيها تركيا من فجوة تكنولوجية.
وأوضح أن زيادة الاستثمارات ستساهم في خفض العجز في الحساب الجاري، ولكنه لفت إلى أن الاستثمارات الدولية المباشرة لم تعد بنفس قوتها في الماضي بسبب التوجهات الحمائية عالميًا، حيث تسعى الدول لتوجيه رؤوس الأموال نحو اقتصاداتها.
وأضاف:
“نحن نسعى للحصول على حصة أكبر من هذه الاستثمارات، ومعظم الاستثمارات التي تأتي إلى تركيا حاليًا مصدرها أوروبا والولايات المتحدة. وفي الآونة الأخيرة، اتخذت إحدى العلامات التجارية الصينية للسيارات الكهربائية قرارًا بالاستثمار في تركيا.”
“نرحب بالاستثمارات من جميع أنحاء العالم“
أكد يلماز أن تركيا ترحب بالاستثمارات من جميع الدول، قائلاً:
“نريد المزيد من الاستثمارات، ليس فقط من الصين بل من أي دولة ومن أي مكان في العالم. نحن نعتبر الشركات التي تأتي للاستثمار في تركيا وكأنها شركاتنا الخاصة. يكفي أن تأتي هذه الشركات وتنتج هنا، وتوفر لنا فرص العمل، وتجلب التكنولوجيا، وتعزز الصادرات. وسنواصل بذل الجهود لتحقيق ذلك.”
“الرسوم الجمركية المحتملة لترامب تهمنا عن كثب“
ردًا على سؤال حول إصلاح مؤسسة الضمان الاجتماعي (SGK)، أكد نائب الرئيس التركي جودت يلماز أنه لا توجد حاليًا دراسة شاملة على جدول الأعمال، قائلًا:
“نعتقد أن إجراء تحليلات شاملة وتقييمات للأثر وتصميم كيفية التنفيذ يجب أن يتم قبل وضعها على جدول الأعمال. لذلك، ليس لدينا في الوقت الحالي خطة إصلاح شاملة في هذا السياق.”
تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على تركيا
تطرق يلماز إلى الرسوم الجمركية التي قد يفرضها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، مشيرًا إلى أنه من غير المؤكد بعد ما إذا كانت هذه الرسوم ستُنفذ أم لا. وأوضح:
“هناك احتمال لرفع الرسوم الجمركية بشكل كبير على الصين، ويبدو أن هذه الخطوة تأتي في إطار استراتيجية تفاوضية.”
وأكد يلماز أن الرسوم الجمركية المحتملة للولايات المتحدة على الصين تهم تركيا عن كثب، مشيرًا إلى أن:
“زيادة الولايات المتحدة للرسوم الجمركية على الصين قد يدفع الصين إلى تصدير منتجاتها بشكل أكثر كثافة إلى أسواق خارج الولايات المتحدة. وهذا سيؤدي إلى زيادة المنافسة التي ستواجهها دول مثل تركيا. نحن نراقب هذه التطورات عن كثب، لكن حتى الآن لا يوجد شيء مؤكد. إذا حدثت هذه التغيرات، سنحتاج إلى إعادة تقييم استراتيجياتنا. قرب تركيا من السوق الأوروبية وميزتها اللوجستية عوامل تقوي موقفها. ومع ذلك، قد نحتاج إلى اتخاذ خطوات معينة في سياساتنا التجارية بناءً على التطورات.”
تقييمات حول هيئة التخطيط الحكومي (DPT)
فيما يتعلق بإمكانية إعادة إنشاء هيئة التخطيط الحكومي (DPT)، أوضح يلماز أنه عمل في هذه المؤسسة لمدة 18 عامًا، وقضى 7 سنوات كوزير مسؤول عنها، أي ما مجموعه 25 عامًا من الخبرة مع DPT.
وأشار إلى أن الهيئة تحولت عام 2011 إلى رئاسة الاستراتيجية والميزانية، وأن مسؤولياتها الإقليمية انتقلت إلى وزارة الصناعة والتكنولوجيا. وأوضح:
“تحولت هيئة التخطيط الحكومي إلى مؤسسة تجمع بين وضع الاستراتيجيات والإشراف على ميزانية الاستثمار والميزانية العامة، وهي مرتبطة مباشرة برئيس الجمهورية.”
وأضاف يلماز:
“حاليًا، لدينا بنية قوية للغاية. قد لا يتم الترويج لها بما يكفي بين الجمهور، لكن رئاسة الاستراتيجية والميزانية تستمر في إعداد خطط التنمية الخمسية ووثائق الاستراتيجية طويلة الأمد. العديد من العاملين الحاليين هم من كوادر DPT القديمة، جنبًا إلى جنب مع خبراء من وحدة الميزانية بوزارة المالية. أعمل بشكل وثيق مع هذه الرئاسة في العديد من مهامي، وهي الآن جزء أساسي من الرئاسة التركية.”
أول اجتماع للمجلس الأعلى لسياسات السكان في 9 يناير
تحدث نائب الرئيس التركي جودت يلماز عن نظرة القطاع الحقيقي للاقتصاد، مشيرًا إلى وجود بعض التحديات، ولكنه أكد على أهمية التحلي بالصبر لرؤية نتائج البرنامج الذي يتم تنفيذه حاليًا. وقال:
“نحن على يقين بأن هذا البرنامج سيكون أكثر فائدة للقطاع الحقيقي على المدى المتوسط. ومع ذلك، فإننا لا نتجاهل بأي حال من الأحوال مطالب وتوقعات القطاع الحقيقي.”
إنشاء المجلس الأعلى لسياسات السكان
تطرق يلماز إلى المجلس الأعلى لسياسات السكان الذي تم تشكيله مؤخرًا، موضحًا:
“سيعقد المجلس الأعلى لسياسات السكان اجتماعه الأول في 9 يناير. في هذا الاجتماع، سنتناول إطارًا عامًا للمناقشات، ولكن لا ينبغي توقع وضع خارطة طريق شاملة على الفور. سيكون هناك عرض تقديمي شامل سنناقشه، ومن المحتمل أن نطلق خطة استراتيجية وإجراءات جديدة. بعد التحضيرات والدراسات الفنية، قد نقدم خارطة الطريق الجديدة في الاجتماع المقبل.”
الصندوق العائلي والشباب
أشار يلماز إلى صندوق العائلة والشباب الذي بدأ تطبيقه في بعض المناطق بشكل تجريبي. وأوضح:
“نقوم بجمع جزء من عائدات النفط والغاز الطبيعي والمعادن في هذا الصندوق، ونوفرها كفرص بدون فوائد للشباب المتزوجين حديثًا. سنناقش في المجلس إمكانية تعميم هذا الصندوق على جميع أنحاء تركيا وكيفية تحقيق ذلك. أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض معدلات السكان هو ارتفاع متوسط سن الزواج.”
وأكد على أن ارتفاع سن الزواج يؤدي إلى انخفاض معدلات الخصوبة، مشيرًا إلى أهمية تشجيع الزواج في سن أصغر.
مواجهة التحديات المتعلقة بالزواج والإنجاب
ناقش يلماز التحديات المالية التي تواجه الشباب في الزواج، مشيرًا إلى بعض البرامج التي تهدف إلى تخفيف هذه الصعوبات. كما لفت الانتباه إلى ارتفاع نسبة عمليات الولادة القيصرية في تركيا مقارنة بالمعدل العالمي، وقال:
“إذا كان هناك سبب طبي، فمن المؤكد أن الولادة القيصرية ضرورية. لكن إذا كانت نسبة 60% من الولادات في بلد ما تتم من خلال القيصرية، فلا يمكن تفسير ذلك فقط بالأسباب الطبية. هناك عوامل أخرى يجب مناقشتها.”
تطوير سياسات لدعم النساء العاملات
أوضح يلماز أهمية تطوير نماذج عمل جديدة تتيح للنساء التوفيق بين حياتهن الشخصية وحياتهن المهنية دون إجبارهن على الاختيار بينهما. وقال:
“هناك العديد من الموضوعات التي تخص مؤسسات وتنظيمات مختلفة. سننظر إلى كل هذه الأمور ككل، وسنضع خطة عمل وخارطة طريق جديدة تعزز هذه السياسات بشكل شامل.”
“زيادة مشاركة النساء في سوق العمل ستخفف الضغط عن تركيا“
أكد نائب الرئيس التركي جودت يلماز أهمية مشاركة النساء بشكل أكبر في سوق العمل، مشيرًا إلى الأهمية الكبيرة لهذا الأمر من منظور الديناميكيات السكانية. وقال:
“نحن نواجه تحديًا متزايدًا يتمثل في نقص الأيدي العاملة، وهو أمر بدأ يظهر بالفعل الآن. إحدى المشاكل التي تثيرها الشركات هي أنها لا تجد عددًا كافيًا من العاملين. وبالتالي، فإن دخول النساء إلى سوق العمل بشكل أكبر في الفترة المقبلة سيكون عاملًا يساعد في تخفيف الضغط عن تركيا من حيث تلبية احتياجات سوق العمل.”
“3 أطفال على الأقل” رؤية استراتيجية طويلة الأمد
ذكر يلماز الشعار الذي أطلقه الرئيس رجب طيب أردوغان منذ سنوات حول ضرورة إنجاب “3 أطفال على الأقل”، موضحًا أن أهميته أصبحت أكثر وضوحًا الآن، رغم الانتقادات التي واجهها في البداية. وأضاف:
“عند النظر إلى الوضع الحالي، ندرك جميعًا كم كان هذا التوجه صائبًا. الحاجة إلى تعزيز الديناميكيات السكانية أصبحت أكثر إلحاحًا في ظل التحديات المستقبلية.”
تحديات الأجور والعمالة غير المسجلة
ردًا على أسئلة حول الحد الأدنى للأجور وإعادة تنظيم رواتب المتقاعدين، أشار يلماز إلى أحدث أرقام التوظيف في تركيا، حيث بلغ إجمالي القوى العاملة 32 مليون و970 ألف شخص، منهم 42% يتقاضون الحد الأدنى للأجور، أي حوالي 6.7 مليون شخص.
وأوضح يلماز أن مسألة العمالة غير المسجلة تنقسم إلى قسمين:
- العمل غير المسجل بالكامل.
- التسجيل الجزئي (حيث يتم تسجيل العامل بحد أدنى للأجور، لكن يتم دفع رواتب إضافية بطرق غير رسمية).
وأضاف:
“هناك شركات تسجل موظفيها على أنهم يتقاضون الحد الأدنى للأجور، لكنهم في الواقع يحصلون على رواتب أقل أو تدفع لهم بطرق غير رسمية. هذا ما نسميه بالتسجيل الجزئي. نحن نعمل على مكافحة كل من العمالة غير المسجلة والتسجيل الجزئي، لكن أي تقييم لهذه القضية دون مراعاة هذه العوامل لن يكون واقعيًا.”
الحد الأدنى للأجور: قاعدة وليست سقفًا
أكد يلماز أن الحد الأدنى للأجور هو عبارة عن قاعدة أساسية، وليس سقفًا للرواتب. وقال:
“الحد الأدنى للأجور ليس أجرًا مثاليًا أو مستهدفًا، بل هو الحد الأدنى الذي لا يمكن أن تقل الرواتب عنه. في المدن الكبرى والقطاعات المتقدمة، الأجور الفعلية غالبًا ما تكون أعلى من هذا الحد.”
وأشار إلى أن التحدي الحقيقي يظهر في المناطق الأقل نموًا، وفي الشركات الصغيرة والقطاعات كثيفة العمالة، حيث يزداد الضغط الناتج عن الحد الأدنى للأجور.
أهمية زيادة الإنتاجية
شدد يلماز على أن الحل الأساسي يتمثل في زيادة الإنتاجية، موضحًا:
“كلما زادت إنتاجية البلد بشكل عام، وإنتاجية الشركات بشكل خاص، أصبحت الأرضية أكثر ملاءمة لزيادة الرواتب بشكل مستدام. لذلك، نحن نركز على تحسين الإنتاجية وتعزيز قاعدة صلبة لتحقيق هذه التطورات بطريقة مستدامة.”
وأضاف:
“بذلنا جهودًا كبيرة بجميع الإمكانيات المتاحة لتحقيق هذه الأهداف.”
“الزيادات في الحد الأدنى للأجور خلال العامين الماضيين كانت مهمة للغاية“
تحدث جودت يلماز عن مسار التضخم وزيادات الحد الأدنى للأجور، مشيرًا إلى أهمية الزيادات التي تمت خلال العامين الماضيين. وقال:
“الزيادات التي قمنا بها خلال العامين الماضيين كانت مهمة للغاية. ونتوقع أن تكون الزيادة التي أجريناها هذا العام أعلى من نسبة التضخم المحققة.”
أداء النمو وزيادات الحد الأدنى للأجور
أوضح يلماز أن متوسط النمو السنوي بين عامي 2003 و2024 بلغ 5.4%، بينما بلغ معدل النمو السنوي للزيادات الحقيقية في الحد الأدنى للأجور 5.6%. وأضاف:
“على المدى الطويل، قمنا بزيادة الحد الأدنى للأجور بمعدل أعلى من معدل النمو. في عام 2022، كان نصيب العمالة من الناتج المحلي الإجمالي، ومن القيمة المضافة الإجمالية، عند مستويات منخفضة للغاية. تأثر ذلك بجائحة كوفيد-19 وعوامل أخرى، مما أدى إلى انخفاض كبير في حصة العمالة.”
وأشار إلى أن بيانات توزيع الدخل التي نشرتها هيئة الإحصاء التركية (TÜİK) لعام 2022 أظهرت تأثيرًا سلبيًا كبيرًا على توزيع الدخل، بينما بيانات عام 2023 التي تم الإعلان عنها مؤخرًا أظهرت تحسنًا نسبيًا في توزيع الدخل. وأضاف:
“نتوقع أن يستمر هذا الاتجاه التحسني في بيانات عام 2024 التي ستُعلن في عام 2025.”
ارتفاع حصة العمالة في الناتج الإجمالي
أكد يلماز أن البيانات الأولية تشير إلى ارتفاع ملحوظ في حصة العمالة من القيمة المضافة الإجمالية، حيث قال:
“في الربع الثالث من عام 2024، بلغت حصة الأجور في القيمة المضافة الإجمالية 37.6%، وهو أعلى مستوى منذ بدء السلسلة الإحصائية في عام 1998. وقد شهدنا زيادة بمقدار 6.1 نقطة خلال العام الماضي.”
وأضاف:
“هذا يشير إلى أن توزيع الدخل في المستقبل سيكون أكثر إيجابية، مع استمرار هذا الاتجاه التحسني.”
“لا نتوقع انحرافًا كبيرًا في التضخم“
أكد نائب الرئيس التركي جودت يلماز أن صافي الحد الأدنى للأجور بالدولار قد ارتفع من 114 دولارًا في عام 2002 إلى 519 دولارًا في عام 2024، ومع الزيادة الأخيرة التي تم إقرارها لعام 2025، تجاوز المبلغ 627 دولارًا. وأضاف يلماز في تصريحاته:
“إذا نظرنا إلى الأجور من منظور التكلفة على صاحب العمل، فإن الأرقام تصبح أعلى بكثير. الحد الأدنى الحالي للأجور لدينا يفوق نظيره في العديد من الدول النامية مثل روسيا، رومانيا، بلغاريا، المكسيك، البرازيل، جنوب إفريقيا، إندونيسيا، الصين، مصر، والهند.”
وأشار يلماز إلى تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول الحد الأدنى للأجور، حيث قال:
“إذا حدث انحراف كبير في معدلات التضخم، فإننا لن نتجاهل الأمر وسنتخذ الإجراءات اللازمة بعد التقييم.”
وتابع يلماز حديثه بالقول:
“نحن لا نتوقع حدوث انحراف كبير في معدلات التضخم، وسنواصل تنفيذ سياساتنا في هذا الإطار. الأمر الأكثر أهمية هو أن زيادة الأجور يجب أن تكون مصحوبة بسيطرة على التضخم وخفضه، مما يؤدي إلى تحسين القوة الشرائية الفعلية والدائمة. هدفنا هو تحقيق زيادات مستدامة في القوة الشرائية الحقيقية، وسنعمل بكل جهد لتحقيق ذلك.”
“دعم الشركات كثيفة العمالة“
أوضح يلماز أن الحكومة ستواصل دعم التوظيف، مشيرًا إلى أن دعم الحد الأدنى للأجور قد زاد من 700 ليرة إلى 1000 ليرة. واعتبر ذلك خطوة مهمة لدعم أصحاب العمل. كما أعلن عن مبادرة لدعم الشركات العاملة في القطاعات كثيفة العمالة، مثل النسيج، الملابس، الجلود، والأثاث. وأوضح قائلاً:
“في إطار برامجنا الاقتصادية، قررنا تقديم دعم بقيمة تصل إلى 2500 ليرة لكل موظف للشركات العاملة في القطاعات كثيفة العمالة التي تحافظ على مستويات التوظيف لديها مقارنة بفترة مرجعية معينة. هذا الدعم موجه بشكل أساسي للشركات الصغيرة والمتوسطة، وسيتم تنفيذه من خلال مؤسسة KOSGEB لضمان السرعة والفعالية في التطبيق.”
وأشار يلماز إلى أن الهدف الرئيسي لهذا البرنامج هو ضمان بقاء الشركات على قيد العمل، والحفاظ على مستويات التوظيف، قائلًا:
“هدفنا هو ضمان استمرارية الشركات، ودعمها لتظل قادرة على توفير فرص العمل. هذا الدعم مهم جدًا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية لضمان بقاء الأفراد في سوق العمل.”
“دراسة جديدة لمعاشات التقاعد“
فيما يتعلق بمعاشات التقاعد، أوضح يلماز أن الزيادة في معاشات التقاعد تختلف عن زيادة الحد الأدنى للأجور من حيث الإطار الزمني. وأضاف:
“الزيادة في معاشات التقاعد تُجرى كل 6 أشهر بناءً على معدلات التضخم والاتفاقيات الجماعية. الحد الأدنى لمعاش التقاعد يبلغ حاليًا 12,500 ليرة. وهناك عدد كبير من المتقاعدين يستفيدون من هذه الزيادة لأن قيمة معاشاتهم الأساسية أقل من هذا الرقم.”
وأكد يلماز أن الحكومة تعمل على خطة جديدة لإجراء تعديلات قانونية على الحد الأدنى لمعاشات التقاعد، قائلًا:
“لا يمكننا الإبقاء على الحد الأدنى لمعاش التقاعد ثابتًا بينما ترتفع الأجور الأخرى. لذلك سنجري دراسة تفصيلية وسنطرح تعديلات قانونية. من المتوقع أن يتم تقديم هذه الخطة إلى البرلمان خلال شهر يناير.”
“إصلاحات قانونية وتشريعات جديدة“
اختتم يلماز حديثه بالإشارة إلى العديد من التشريعات التي تم إقرارها خلال العام الماضي، والتي شملت قطاعات متنوعة مثل الصحة، الطاقة، الأمن السيبراني، وتعزيز المنافسة في الأسواق الرقمية. وأكد أن الحكومة تعمل على مشاريع قوانين جديدة، بما في ذلك:
- قانون يتعلق بتغير المناخ.
- تنظيمات لتعزيز الأمن السيبراني.
- تحسين بيئة التنافس في الأسواق الرقمية.
- دعم الصناعات التقنية من خلال حوافز جديدة.
وقال يلماز إن الحكومة ستواصل العمل بالتعاون مع البرلمان لصياغة وتنفيذ هذه القوانين بما يخدم مصلحة البلاد.
الاجتماع الثاني للجنة تنسيق الاقتصاد في 24 يناير بمدينة قونية
أفاد نائب الرئيس التركي جودت يلماز بأن عام 2024 شهد عقد 10 اجتماعات للجنة تنسيق الاقتصاد (EKK)، وأضاف:
“اتخذنا قرارًا مؤخرًا بالتوجه إلى المناطق لعقد الاجتماعات. أول اجتماع لنا كان في شانلي أورفا بمناسبة خطة عمل مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP)، حيث حضرنا مع وزرائنا الأعضاء في اللجنة.”
وأوضح يلماز أن الاجتماع الأول كان مثمرًا للغاية، مضيفًا:
“نرغب في استمرار هذه الاجتماعات خلال الفترة المقبلة. لدينا 4 إدارات تنمية إقليمية و26 وكالة تنمية. إحداها إدارة تنمية مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) التي مقرها في شانلي أورفا، لذا عقدنا الاجتماع هناك. وندعو بقية الولايات في المنطقة للمشاركة. الاجتماع الثاني سيكون في قونية، حيث يقع مقر إدارة تنمية مشروع قونية (KOP). ونسعى لجمع جميع الولايات التابعة لمشروع قونية في هذا الاجتماع. وفقًا للجدول الزمني الحالي، الاجتماع مقرر في 24 يناير بمدينة قونية.”
وأشار يلماز إلى أن الاجتماع الثالث سيُعقد في فبراير بمدينة جيرسون لمشروع شرق البحر الأسود (DOKAP)، حيث سيتم دعوة الولايات التابعة لمشروع شرق البحر الأسود. وأضاف أن الاجتماع الأخير سيكون في أرزوروم، مقر إدارة مشروع شرق الأناضول (DAP).
وأكد يلماز أن هذه الاجتماعات ستتيح جمع المؤسسات الحكومية مع منظمات المجتمع المدني وأصحاب الأعمال المحليين في المناطق المختلفة، إلى جانب إشراك وسائل الإعلام.
“الزيارات الداخلية والخارجية ستستمر“
أشار يلماز إلى أن هناك العديد من اللجان الهامة التي تعمل بجانب لجنة تنسيق الاقتصاد، مثل:
- لجنة تنسيق تحسين بيئة الاستثمار (YOİKK).
- لجنة توجيه الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي.
- لجنة تركيا الرقمية وتقليل البيروقراطية.
- اللجنة العليا لمكافحة الإدمان.
- لجنة نظم المعلومات الجغرافية في تركيا.
- لجنة السياسات السكانية التي تأسست مؤخرًا.
وأوضح يلماز أن لجنة السياسات السكانية ستعقد اجتماعها الأول في 9 يناير، وستواصل اجتماعاتها بشكل دوري لاتخاذ القرارات وتوجيه المؤسسات المعنية.
وفيما يتعلق باجتماعات اللجان الاقتصادية المشتركة (KEK)، أوضح يلماز أنه في عام 2024 تم تنظيم اجتماعات مع الدول التركستانية، بما في ذلك أوزبكستان، أذربيجان، كازاخستان، قيرغيزستان، وتركمانستان. وأشار إلى أن الاجتماعات تُعقد بالتناوب بين تركيا وهذه الدول كل عام.
وأكد يلماز استمرار زياراته المحلية والدولية للقاء رجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدني، مشددًا على أهمية هذه الزيارات للتشاور وتعزيز التعاون الاقتصادي.